Tuesday, April 27, 2010

Selected Articles: خطورة النظرة الأمريكية الجديدة لأزمــة دارفــور

Selected Articles: خطورة النظرة الأمريكية الجديدة لأزمــة دارفــور
Saturday, March 04, 2006
خطورة النظرة الأمريكية الجديدة لأزمــة دارفــور


MAR 4, 2006

خطورة النظرة الأمريكية الجديدة لأزمــة دارفــور

حنان البدرى


نختلف مع هؤلاء الذين يصفون وبشكل مطلق الخطط الأمريكية تجاه بعض الملفات الساخنة بالأجندات الخفية، فإحدى ميزات النظام السياسى الأمريكى وجود مساحة مكشوفة يستطيع المتابع قراءتها سواء بين سطور تصريحات مسئوليها أو من متابعة تحركاتهم على الأرض. وحاليا تحمل تفاصيل التعامل الأمريكى فى قضية دارفور ملامح ما سينفذونه على المدى القريب توطئة لوضع أساس عميق لنطاق نفوذ وتحكم طويل الأمد ليس فقط فى تلك البقعة الاستراتيجية، بل تتعداها إلى دائرة واسعة مركزها هو بحق عمق مصر الاستراتيجى. هنا ينبغى أن ننتبه لحديث صانعى القرار الأمريكى والمؤثرين فيه فى الوقت الحالى عن «ضرورة أن تظل الدول الأفريقية بما فيها الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وامتداداتها شرقا وجنوبا حتى البحيرات الكبرى عنصرا أساسيا فى السياسة الخارجية الأمريكية نظرا لتعاظم هذه المنطقة خلال العقد الحالى، حينها ينبغى أن نتوقف لفحص بقية توصيات هؤلاء بدءا من الدفع بإنشاء قواعد عسكرية فى جنوب السودان ووفق الأساليب الأمريكية المستحدثة لخلق واقع تحكم سريع - وهذا ما سنشرح تفاصيله لاحقا - وقواعد أخرى منتشرة فى نطاق أوسع يشمل منطقة البحيرات الكبرى، باستخدام الضغط تارة على دول هذه المنطقة ومن باب حفظ الاستقرار وقمع التوتر وضمان الشفافية والديمقراطية، وحتى رفع كارت التهديد الإرهابى ومرورا بتوقعات ومخاوف يلقيها سدنة هذه السياسات، مغلفة بالحديث عن احتمالات نشوب صراع حول حصص دول حوض النيل من المياه بتأثير النقص الخطير والمتوقع فى المياه ومضاعفة دول على حساب دول أخرى استخداماتها من الثروة المائية. وقد تحدثوا بالفعل عن ضروريات التواجد الدولى بدعم من قوات حلف شمال الأطلسى «الناتو» للحفاظ على الاستقرار وحماية الثروات وضمان وصولها لمستحقيها الأصليين لاسيما حين يتعلق الأمر بالحرب على الإرهاب ومنع الإرهابيين من الحصول على اليورانيوم المكتشف فــى تلك الأراضى، وتكريس الاستقرار فى مناطق غنية بثرواتها النفطية والمعدنية. صحيح أن تحرك واشنطن نحو جنوب السودان ولاحقا الاهتمام المبالغ فيه بالأوضاع فى دارفور قد بدأ منذ فترة، لكن التنفيذ الحقيقى لخطط التطويق بدأ منذ فترة وجيزة، وكانت إشارة بدء الانطلاق الفعلى حين بدأت عملية إعادة الانتشار الضخمة للدبلوماسية الأمريكية من أوروبا الشمالية والغربية مؤخرا إلى أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما وصف أمريكيا وبالحرف «بأنه لسد ثغرة تتعلق بأمن أمريكا بالمنطقة بالتوازى مع خطة أمريكية أخرى جديدة للدبلوماسية العاملة على شاكلة خطة الشرق الأوسط الكبير، لكنها موجهة نحو أفريقيا وتحديدا للدائرة الكبرى المحيطة بالجنوب المصرى». المثير هنا أن هذا التوجه يحظى بدعم الجمهوريين والديمقراطيين على السواء على عكس مواقفهما الحالية مثلا من ملفات أخرى كالعراق. هنا نشير إلى ملف دارفور الذى احتل مكانا بارزا فى مباحثات كونداليزا رايس لدى زيارتها الأخيرة لمصر، الأمر الذى لم يلتفت إليه حتى الإعلام. وقد سارعت واشنطن بالتحرك للضغط على مجلس الأمن الدولى لتمرير مشروع لتغيير ولاية القوات التابعة للاتحاد الأفريقى، وبالتالى تدويلها بإرسال قوات حفظ سلام دولية مع الإبقاء على قوات الاتحاد الأفريقى، ودون انتظار لاجتماع قمتهم فى مارس بحجة لم يهضمها أحد وهو اهتمام واشنطن بإحراز تقدم خلال ترأسها مجلس الأمن الدولى لدورة فبراير! وهو مبرر قد ينطبق على دولة صغيرة أو عادية، ولكن ليس على الدولة الأولى فى العالم. وقد مر شهر فبراير دون اتخاذ هذا القرار، وللأسف وجدنا المسئولين فى السودان يضعون أنفسهم موقف المدافع، حيث بدأوا المقاومة بالكلام، وانزلق بعضهم إلى انتقاد قوات الاتحاد الأفريقى بدلا من أن يهرعوا نحو الدول الأفريقية التى بدأت واشنطن فى التأثير عليها وإلى طلب مساندة عربية لدعم زيادة أعداد القوات الأفريقية، ونسف مخططات إنزال عسكرى بقيادة دولية وغربية إلى السودان مع الإسراع بمحاولات جادة لتهدئة الأوضاع فى دارفور. للأسف فليس هناك عقوبة فى السياسة، بل هناك مصالح، ولأنه من الصعب تخيل أن يكون العامل الإنسانى وحده وراء هذه الأجندة التى دفعت بها الثروة النفطية والمعدنية المكتشفة فى دارفور ومناطق السودان، ولا يمكننا تجاهل القلق المتصاعد والضغوط من جانب شركات النفط الأمريكية الكبرى منذ أن أبرمت الحكومة السودانية اتفاق منح شركة توتال النفطية الفرنسية امتياز اكتشاف واستخراج النفط من البلوك 15 بدارفور، وتصاعدت معها رغبات الشركات الأمريكية النفطية فى العودة إلى السودان على اعتبار أنها الأحق بالوليمة لاسيما أن شركة شيفرون الأمريكية كانت أول من اكتشف حقول البترول فائق الجودة، بل يفوق من حيث جودته الخام الليبى الأفضل على مستوى العالم، ناهيك عن سهولة استخراجه، لكنها اضطرت لاحقا إلى إخفاء معالم هذا الاكتشاف لدى وصول البشير للحكم وتصاعد هذه الخلافات مع واشنطن، وخرجت من السودان على أمل العودة التى هددها لاحقا استدعاء حكومة الخرطوم لشركات من الصين وكندا وفرنسا لإعادة اكتشاف هذه الحقول الغنية. وزاد من تثمين الولايات المتحدة للسودان اكتشاف وجود مخزون ضخم من اليورانيوم فى حفرة النحاس «واسمها حفرة اليورانيوم» فى جنوب دارفور المتاخمة لإقليم بحر الغزال الكبير جنوب السودان، وهو مخزون من حيث الحجم دفع بهذه المنطقة لكى تكون أحد أكبر المخزون من اليورانيوم على مستوى العالم. فالصورة واضحة ولا تقبل الشك خاصة لو أضيفت إليها ثروة مائية لا تقدر يمكن أن تحل مشاكل «الأصدقاء» وتحديدا إسرائيل التى تعانى نقصا فى المياه، ولعلنا نلاحظ هنا كيف دارت فى السنوات الأخيرة محاولات إقناع مصر وغيرها من دول حوض النيل بشكل مباشر وغير مباشر بالتخلى طواعية عن بنود واتفاقيات تاريخية بدعوى تحسين استغلال الثروات المائية لحوض نهر النيل وتم الدفع بمشاريع أكبرها وضعها خبير مياه إسرائيلى! بميزانيات زج فيها البنك الدولى كلاعب رئيسى تظهر فيها شركة مساهمة للتنفيذ وإدارة المشروع، لتكريس وضع تمهيدى يعطى فى النهاية الحق لصاحب المال لطلب تدخل دولى فى حال ظهور بوادر صراع أو عدم استقرار حول منطقة البحيرات - وما أسهل تعمد إشعال مثل هذه الصراعات - وساعتها يحق لهؤلاء التدخل بحجة الدفاع أولا عن مصالح وأموال هذه المؤسسة.. وبالتالى قد ينتهى بنا الأمر إلى شراء مياه النيل تدريجيا لاسيما فى حالة زيادة استخدامنا للحصص المقررة والتى سيفرض نسبها الأوصياء الجدد على حقنا التاريخى فى مياه النيل، أو بحكم زيادة الاستهلاك الطبيعي. فى تلك الحالة فإنه من غير المستبعد أن تمارس علينا أنواع من الضغط لتسهيل حصول إسرائيل على المياه عبر أراضينا، بل تقنين حقها فى الحصول على المياه عبر تعاقدات توزيع وبيع مياه النيل من المنبع. وفى كل الأحوال، فإنه سيكون بمقدور الولايات المتحدة دوما وبغض النظر عن توجهات دول أخرى لاسيما فرنسا بنفوذها التاريخى فى القارة السمراء، والذى تراجع أمام المد الأمريكى أو حتى بريطانيا التى أصبحت حليفا تابعا لواشنطن، سيكون لدى الولايات المتحدة كل كروت اللعبة أو المبررات للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، ومن ضمن تلك الكروت الحرب على الإرهاب والحفاظ على الاستقرار والأهداف الإنسانية النبيلة والديمقراطية.. وغيرها. بالفعل هناك توجه بارز فى السياسة الأمريكية للدفع أو على الأغلب التلويح ببعض هذه الكروت، وقد لاحظنا ما قاله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فى السودان «إيان برونك» قبل أيام وفور عودته من السودان من أن لديه معلومات من مصادر استخباراتية تشتبه فى وجود نشاط لتنظيم القاعدة فى السودان. أيضا هى موجودة فى تصريحات الرئيس بوش فى 17 فبراير المنصرم حول إيجاد دور لقوات حلف شمال الأطلسى فى حفظ السلام بدارفور ومكالمته الهاتفية قبل أسبوع مع الرئيس الفرنسى والتى استغرقت نصف الساعة حول الأمر نفسه، أيضا الاستقبال الدافئ الذى حظيت به أرملة الزعيم الجنوبى السودانى جون جارانج. إضافة لتلك التسريبات التى تتحدث عن إقامة قواعد عسكرية أمريكية بالسودان، وعندما سألت آدم إيرلى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية لم ينف الأمر، لكنه حرص على التأكيد على أن المساندة الأمريكية والأطلسية ستكون فى شكل دعم لوجيستى، وعندما لاحقته بأسئلة حول التفاصيل وشكل التدخل الدولى المزمع قال: أعتقد أن الهيكل واضح بدرجة كافية فى هذه اللحظة، لكن ليس التفاصيل، فالأساس أن تكون هناك قوات حفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة تضم كل قوات الاتحاد الأفريقى الموجودة حاليا هناك، وبذلك تصبح العملية موسعة وتحت إشراف الأمم المتحدة كما يعنى من يقوم بماذا وأين، وهذا جزء من تفاصيل ستوضح لاحقا. وبعيدا عن تصريحات إيرلى فإننا نتوقف عند المفهوم الأمريكى العسكرى الجديد لمسألة بناء القواعد، حيث تخلت الولايات المتحدة فى مشروعها الأفريقى الجديد عن القواعد التقليدية واعتمدت على مفهوم جديد لبناء قواعد عبارة عن إقامة تجهيزات سريعة وبسيطة لاسيما حول المطارات القديمة، حيث يتم تمهيد مهابطها وتجهز بمحطة تنصت وتوجيه ومخازن وقود ومؤن وتترك للاستخدام ساعة الجد. يجرى هذا فيما تنشط الدبلوماسية المصرية بشكل ملحوظ، بينما وللأسف الشديد تبدو فرص السلام فى النجاة من مأزق التقسيم المتتالى ضئيلة، وتبدو دارفور والشرق وغيرها من أقاليم السودان بعد الجنوب مؤهلة للانفصال، بما فى ذلك مناطق فى قلب السودان مثل منطقة أبى التى يسكنها جنوبيون سودانيون، وتحول فيها الميزان الديموجرافى لصالحهم، والمنطقة الساحلية الشرقية بطول السودان معقل البجا. وإذا نظرنا إلى رقعة النزاعات السودانية بفعل التدخل الخارجى والغربى بالأساس سنجد التاريخ يكرر نفسه ونسخة ليست بعيدة عما حدث فى السابق فى فشورة حينما تصاعد صراع فرنسا وإنجلترا على أفريقيا مع الفارق أنه فى عصرنا الحالى أضحى اللاعب الرئيسى فيه الولايات المتحدة وفرنسا، بينما توارت إنجلترا خلف واشنطن مكتفية على ما يبدو بهامش ربح تلقيه إليها واشنطن. لكن الأهم من كل ذلك هو ضرورة أن ننتبه إلى أنه قد آن الأوان لأن نتجه جنوبا، وبكل القوة لحماية عمقنا الاستراتيجى ولنتذكر أن خطوط الدفاع عن مصر كانت تاريخيا خارج حدودها الشرقية والجنوبية، وغاصت حتى العمق الأفريقى لسنوات طويلة. وربما كان من المفيد فى عصرنا أن يتم دعم مساهمتنا نحو الجنوب بضخ استثمارات لن تضيع هباء، بل سيكون لها عائدها المالى الضخم، وكذلك الاستراتيجى، بما فى ذلك مد خطوط السكك الحديدية وتوصيل الكهرباء، ولنا تجارب سابقة فى نفس الاتجاه، ولدينا سلاح مهندسين كفء.. آن الأوان لتكريس مواقفنا إلى حيث عمقنا بأى شكل وبكل شكل ممكن، ربما تكون هذه هى الفرصة الأخيرة لإنقاذ جنوبنا حتى لا نصحو يوما فنجد سودانا مقسما تهب من ناحيته رياح التفتت والتقسيم وشرذمة الأمة إلى أعراق وملل ونحل، علينا التحرك بحسم وإلا سيطوق عمقنا وتصبح «مصر الجائزة».؟

posted by Hanan Elbadry at 8:49 AM

0 Comments:
Post a Comment

Links to this post:
<$BlogBacklinkTitle$>
<$BlogBacklinkSnippet$>
posted by <$BlogBacklinkAuthor$> @ <$BlogBacklinkDateTime$>
Create a Link

نصف ساعة كأنه دهر
متوالية التقسيم تهدد السودان

0 Comments:

Post a Comment

<< Home